موقع القرآن الكريم                   القراءات العشر



نـزول القرآن على سبعة أحرف (1)

 


  تعريف الأحرف السبعة :

الأحرف السبعة في اللغة: الأحرف جمع حرف؛ وهو لفظ مشتق من مادة (ح رف)، وهذا اللفظ يستعمل في اللغة بمعنى الوجه والطريقة، ومنه قوله تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ أي على وجه واحد.

والسبعة لفظ مشتق من مادة (س ب ع)، وهذا اللفظ يستعمل في اللغة في أحد معنيين:

-1 العدد الذي يلي الستة في العدد المفرد، ومنه قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۚ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ ۗ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ.

-2 التعدد والكثرة، ومنه قوله تعالى: ﴿إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ .

فلا يفهم من هذا النص بأن النبي صلى الله عليه وسلم لو استغفر لهم فوق السبعين لغفر الله لهم.

فليس المراد في الآية حقيقة العدد المذكور ولكن المراد كثرة العدد.

الأحرف السبعة اصطلاحا: لقد اتفق العلماء على أن القرآن نزل على سبعة أحرف لأن هذا ما صرحت به الأحاديث. ولكنهم اختلفوا في المفهوم أو المعنى المراد منها على مذاهب متعددة ويمكن أن تصنف أقوالهم تحت مذهبين: 

 المذهب الأول: ويرى أصحابه أن المراد بالسبعة حقيقة العدد؛ ولكنهم اختلفوا في تحديد هذه الأحرف:

1- فمنهم من ذهب إلى أن الأحرف هي اللغات أو اللهجات التي نزل بها القرآن، وهي لغة قريش، وهذيل، وثقيف، وهوازن، وكنانة، وتميم، واليمن، أو هي لغة قريش، وهذيل، وتميم، وأزد، وربيعة، وهوازن، وسعد بن بكر.

ومن أصحاب هذا الرأي من السابقين: سفيان بن عيينة (ت 198 ه)، وأبو عبيد القاسم بن سلام (ت 224 ه) وابن جرير الطبري (ت 310 ه)، وأبو شامة (ت 665ه)، والقرطبي (ت 671ه) وتبعهم من المعاصرين: مصطفى صادق الرافعي، والدكتور محمد أبو شهبة، والشيخ مناع القطان، والدكتور محمد لطفي الصباغ، والدكتور حسن ضياء الدين عتر.  

2- ومنهم من ذهب إلى أن الأحرف هي الأوجه اللفظية التي نزل بها القرآن؛ ولكنهم اختلفوا في تعيينها وحصرها.

قال ابن قتيبة (ت 276ه) :"وقد تدبرت وجوه الخلاف في القراءات فوجدتها سبعة أوجه:

- الاختلاف في إعراب الكلمة أو حركة بنائها بما لا يزيلها عن صورتها في الكتاب ولا يغير معناها، نحو قوله تعالى: ﴿هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ و ﴿أَطْهَرَ" بالفتح.

- أن يكون الاختلاف في إعراب الكلمة وحركات بنائها بما يغير معناها ولا يزيلها عن صورتها في الكتاب، نحو قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا  ﴿ربُنا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا.

- أن يكون الاختلاف في حروف الكلمة دون إعرابها بما يغير معناها في الكتاب ولا يزيل صورتها، نحو قوله تعالى: ﴿وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا و ﴿نَنشُرها بالراء.

- أن يكون الاختلاف في الكلمة يغير صورتها في الكتاب ولا يغير معناها، نحو قوله تعالى: ﴿إِنْ كَانَتْ إِلَّا زقية واحدة و ﴿صَيْحَةً.

- أن يكون الاختلاف في الكلمة بما يزيل صورتها ومعناها، نحو قوله تعالى: ﴿وَطَلْع مَنْضُودٍ في موضع ﴿وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ.

- أن يكون الاختلاف بالتقديم والتأخير، نحو قوله تعالى: ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ وفي قراءة أخرى:  ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْحَقِّ بِالْمَوْتِ .

- أن يكون الاختلاف بالزيادة والنقصان، نحو قوله تعالى: ﴿وَمَا عَمِلَتْ أَيْدِيهِمْ و ﴿وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ  .

ومن أصحاب هذا الرأي ابن قتيبة (ت 276 ه)، وأبو الفضل الرازي (ت 454ه)، والزركشي (ت 794ه)، وابن الجزري (ت833ه) وممن أخذ بهذا الزرقاني ومحمد بخيت المطيعي والدكتور شعبان محمد إسماعيل، والدكتور أحمد البيلي، والدكتور محمد سمير اللبدي، والدكتور عبد العزيز القارئ، والشيخ محمد علي الصابوني. مع اختلافهم اليسير في بعض النقاط وتوافقهم في كثير منها.

3- ومنهم من ذهب إلى أن الاحرف هي الأوجه المعنوية التي نزل بها القرآن ولكنهم اختلفوا في تعيينها وحصرها:

فمنهم من قال بأنها: الحلال والحرام، الأمر والزجر، المحكم والمتشابه، الأمثال.

ومنهم من قال بأنها: الوعد، والوعيد، الحلال والحرام، والمواعظ، والأمثال، والاحتجاج.

ومنهم من قال بأنها: المحكم، والمتشابه، الناسخ والمنسوخ، والخصوص، والعموم، والقصص، وهذا الرأي لم ينسب صراحة إلى أحد ممن نقل رأيهم.

المذهب الثاني: ويرى أصحابه أن المراد بالسبعة ليس حقيقة العدد؛ وإنما المراد التعدد والكثرة من أجل التيسير والتسهيل والتوسعة. فهم يرون أن القرآن نزل بلغات العرب بأوجه متعددة .

وممن ذهب إلى هذا الرأي من السابقين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، (ت 40ه)، وابن عباس رضي الله تعالى عنهما (ت 67ه) والقاضي عياض (ت 544 ه). وتبعهم من المعاصرين سعيد الأفغاني، والدكتور محمد سالم محيسن،والدكتور عبد الصبور شاهين، والأستاذ شوکت علیان، والأستاذ غانم قدوري حمد، والدكتور السيد رزق الطويل.

 

 

 المصـــدر:

 

 1)"علم القراءات: نشأته -أطواره -أثره في العلوم الشرعية" د.نبيل بن محمد إبراهيم آل اسماعيل ص من  17إلى 24

    راجع أيضا المقاطع التالية:

 

  - "الأحرف السبعة في قراءات القرآن والفرق بينها وبين القراءات السبع والعشر (الشيخ سعيد الكملي)"

  - "الأحرف السبعة والقراءات السبعة والفرق بينهما . مدخل لدراسة القراءات السبعة"

  - "الأحرف السبعة في القرآن " - د . زهدي محمد مطر أبو نعمة كلية أصول الدين

              

 







أئمة القراء ورواتهم